كتب - شريف سمير :
وكأن العالم يأبي ألا يهدأ، ويريد تسليم مفاتيح السلطة للصقور ويضع مصائر الأمم بين أيدي مشعلي الحرائق بقرارات سياسية ملتهبة .. ونتائج انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة خير برهان وشاهد علي هذه الحقيقة بعد أن فعلها اليمين واستمال الأوروبيين بتقدم كبير جدا في بمعظم دول الاتحاد، ما ينذر بتغيُّر -أو على أقل تقدير- تأثُّر السياسيات الأوروبية، حول مختلف الملفات داخليا وخارجيا.
** أوروبا فوق صفيح ساخن!
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات التي جرت في 27 دولة، تقدم اليمين المتطرف في عدد من الدول أبرزها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا، ولكن رغم التقدم لم يحقق اليمين الأغلبية، حيث احتفظت كتل حزب الشعب الأوروبي اليمينية، مع كتل الاشتراكيين والديمقراطيين والوسطيين والليبراليين مجتمعة بالغالبية في البرلمان الأوروبي.
** تغيير جوهري في السياسات!
ورغم عدم الحصول علي الأغلبية المريحة، تعد هذه النتيجة نجاحا ساحقا لليمين في أوروبا، الذي لن يغير فقط من سياسات الاتحاد وبرلمانه، بل سيمتد التغيير إلي سياسات وحكومات عدد من الدول داخل التكتل الأكبر في العالم، حيث أعلن رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو استقالته وهو يبكي لخسارة حزبه الليبرالي الانتخابات، فيما حاولت رئيسة المفوضية الأوروبية وعضو حزب الشعب الأوروبي أورسولا فون دير لاين الحفاظ علي ما تبقي من ماء وجهها متعهدة بأن الحزب -الذي ينتمي إلى يمين الوسط وهو الأكبر داخل البرلمان- سيبني حصنا ضد المتطرفين من اليمين واليسار.
** ماكرون في مأزق!
وسعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلي سرعة التخفيف من آثار هزيمة اليسار في أوروبا، وقرر حل البرلمان الفرنسي داعيا لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة اعتبارا من 30 يونيو الجاري، وفي خطاب للأمة من قصر الإليزيه، أقر ماكرون بأن نتيجة انتخابات البرلمان الأوروبي ليست جيدة للحكومة الفرنسية، مشيرا إلى أن صعود اليمين يمثل خطرا على فرنسا وأوروبا بشكل عام، وطالب الفرنسيين ب "الخيار الصحيح" في الانتخابات المرتقبة.
** الصقور العائدة إلي الإليزيه!
وكان اليمين الفرنسي بقيادة جوردان بارديلا وزعامة مارين لوبان قد فاز في الانتخابات الأوروبية، بحصوله على نسبة تقارب 32.5 % من الأصوات، أي تقريبا ضعف ما حققه حزب الرئيس ماكرون الذي حصل على 15.2 %من الأصوات وفق معهدي الاستطلاع إيفوب وأيبسوس.
** فشل ذريع!ّ
وتشكل النتائج في مجملها فشلا ذريعا لحزب الأغلبية الرئاسية الفرنسي، الذي كان التجمع الوطني اليميني يسبقه في انتخابات عام 2019 بنقطة مئوية واحدة، بحصوله على 23.34 %، مقابل 22.42 %، فيما تنذر النتيجة الحالية بخطر داهم، يلاحق الأغلبية الرئاسية، ومستقبل الرئيس الفرنسي في السلطة.